الفشل .. هل من الممكن أن يكون سيد الفضائل .. ومتى؟
الفشل .. تلك الكلمة التي لها وقع صعب على نفس الإنسان، فهي كلمة من أصعب الكلمات في الحياة، ونحن كبشر لا نحب الفشل .. نعم، لا نحب ان نفشل أبداً، وحتى لو ضحينا بكل ما نملك، وهذه حقيقة نقرها وندركها، ولكن الفشل أيضاً جزءً من الحياة، كما ان النجاح جزء منها أيضاً، وعلينا أن نتقبله، ونتعلّم كيف نتعايش معه مثلما تعلّمنا التعايش مع الزلازل والبراكين وكل ما يهدد الإنسان.
“إن حياة العامة مليئة بالإحباط واليأس المستكين” .. الفيلسوف الأمريكي ديفيد ثورو..
فلا تقلق يا عزيزي القاريء من الفشل.. وتعال معي لنقترب قليلاً من مفهوم الفشل لكي نفهم الفشل وعوامله، تعال معي لكي نتعرف على عدو الإنسانية أكثر لكي نتخطي الفشل ونكسره ونهزيمه، والمبدأ الأول في تلك الرحلة القصيرة هو الفهم لعدونا الأول .. وفهم حقيقة الفشل، ولكي نفهمه جيداً لابد ان نفهم العوامل التي تؤثر في فهم الفشل وسيطرته على الإنسان، وما هي العوامل التي تقهره .. وتذكّر عزيزي القاريء أن بذور الفشل في عاداتنا دائماً، كما ان بذور النجاح تنمو أيضاً في عاداتنا البسيطة ..
الفشل وسيد الفضائل:
إن اعترافنا بالفشل هو سيد الفضائل، وهو العامل الأول لمواجهة الفشل وهزيمته داخل أنفسنا، فالكثير من البشر لا يعترفون بالفشل أبداً، وهذا ضد المنطق والحياة والإنسانية، فكيف لا نقبل جزء منّا ومن حياتنا، قالوا قديماً إن الإعتراف بالحق فضيلة، بل هي أم الفضائل، وفي الأديان مفهوم التوبة أنه الإعتراف بالذنب وبالخطايا التي ارتكبها الإنسان في حق نفسه والآحرين، والاعتراف بالمرض هو أول طريق العلاج من المرض، وكلما كان الإنسان معترفاً بضعفه وفشله، كلما كان أكثر انفتاحاً على النجاح.
وهناك بعض الأمور التي يجب أن نضعها نصب أعيننا عندما نعترف بالفشل، وهذه الأمور الإنسانية الخالصة، هي التي تجعل الإعتراف فضيلة وهى ان تقدم تفسيرات لأفعالك التي فعلتها وأدت إلى فشلك في أي من المواضيع الحياتية، تفسيرات وليس أعذاراً، فالأعذار تجعلك توغل في الخطأ أكثر فأكثر، والأعذار هي أول طريق الخطيئة، لذلك عليك أن تقدم تفسير منطقي مقنع أثناء الاعتراف بالخطأ، وهو ما يجعلك تصل إلى حالة الصدق مع النفس وبالتالي مع الناس و يجب تقديم التفسيرات المنطقية بشيء من الشجاعة المعنوية المستمدة من الداخل .. هذا سيجعلك في النهاية في الطريق الصحيح للتخلص من الفشل.
من الأمور الهامة ايضاً كي تعترف بأخطائك هي أنك لا تكرر الخطأ ذاته مرات ومرات، لكن إذا قررت أن تعترف بالفشل و الأخطاء يجب عليك عدم تكرارها مع وضع خطة محكمة وعملية وواقعية ومحددة بزمن لكي تتخلص من العادات التي تؤدي بك إلى الخسارة وإلة الفشل، وتصلح من العمل الفاشل حتي تحوله أنت إلى نجاح، ولا شك أن هذا يتطلب كما ذكرت الصدق الخالص مع النفس، وايضاَ أن تحاول مراراً وتكراراً مع عدم الوقوف في مكانك طالما اعترفت ان الخطأ والفشل لا يليق بك. تحرك الآن واصنع نجاح عظيم تستحقه.
و دائماً الفشل يقترن باليأس والإحباط، لذلك يجب عليك الإعتراف بالخطأ مع التحلي بالتفاؤل والأمل والتوقع الحسن بعد إصلاحه، وضرورة أن لا تيأس من نفسك أولاً ومن الظروف المحيطة بك ثانياً، ثم الإصرار أن الفشل ليس النهاية بل هو البداية وهو العلامة التي سوف تنطلق من عندها لتصنع وتكتشف مصيرك ومستقبلك.
هذه نقاط هامة في فضيلة الإعتراف بالفشل، والذي يبدو مثالياً من ناحية القيمة، والتجارب أثبتت أن الفاشلين الذين قدروا قيمة أنفسهم واعترفوا بفشلهم هم فى الحقيقة الذين صنعوا نجاخات عظيمة في الدنيا، وربما لهذا نجد المفاهيم الدينية كلها تتمحور حول هذه القيمة، وهي الاعتراف، والتوبة من الذنب كما ذكرنا بدايتها الإعتراف، ونهايتها الإصرار الدائم والمستمر على عدم العودة وتكرار الذنب والفشل مجدداً، ، لذلك عليك ان تعترف بخطئك، وإنسانيتك الضعيفة المخطئة، وان لا تقسو عليها، فالقسوة لا تجدي، والمبادئ الإنسانية والدينية لا تعرف أبداً القسوة و الغلظة، بل إنها دائماً تحنو على البشر بقيمها وشعور الإنسان بها أنه ضعيفاً بدون فضيلة الإعتراف بالفشل، وقوي بالإرادة لاجتيازه.
إرسال التعليق
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.